الأحد، 13 مايو 2012

رأسمالية أتلفت رؤوسنا



إذا زرنا مركزاً تجاريا في وسط المدينه ، ونظرنا في وجوه الناس وثيابهم فإننا سنلحظ أن كلا الجنسين قد إهتموا بالجمال كنظافة الثياب ، وحُسن المظهر كما سنلحظ أن أغلب من نلقاهم يتمتعون بهذا المكان ، و ستظهر لنا نظرات الأنس على وجوههم ، وضحكات السرور ، وغياب ضيقة الصدر ، لكن بكل تأكيد ، كلٌ منهم لديه من المصائب ما الله بها عليم ، فهذا قد تخاصم مع أهله ، وتلك هجرها زوجها ، وذلك قد رفع قضايا ضد أهله وإخوانه ، وهلم جرا ، وتكاد لا تجد من يخلو من الهموم لكنهم يبتسمون ويتناسون ، وكل ذلك لا يعكس الواقع الذي هم فيه ، وقد يكشف ذلك الزيف،  خلاف بسيط بين متسوِّق وبائع إحدى المحلات ، وترى هذا الشاب ممن إفترضنا فيه الخلق نظراً لوسامته ، وحسن مظهره ، وإذا به قد أخرج من فمه قذارةً نعجز أن نصدق أنه يخفيها .

وإن قررنا أن نجلس على مقهى لنحتسي قدحاً من قهوة ، فغالباً ما نجد سخاء الترحيب ، وابتسامات التحية ، وأن أعجبنا ذلك فلربما قد نحاول نمازح من يخدمنا ، فتجد تعليقاتك تعجبهم ، وتسمع ضحكاتهم العالية تخرج بمهارةٍ تعجز أن تجزم أنها مفتعلة  ، وبالرغم من أن هناك من يصدُقنا مشاعره ، الا إن الكثير من مشاعرهم مزيفة ، فهم يفتعلونها مع الجميع سواءً أحبوهم أم لم يحبوهم ، الا أنهم يحبون مافي جيوبهم ، وبالرغم من علمنا بذالك ، الا أننا نريد أن تخدعنا إبتسامات الخدمة ، وضحكات المجاملة ، وحركات الاهتمام ، ونريد كل التصنع الذي تعلموه في دورات الأتيكيت و الفنون التي تعلمهم  إسعادنا لنظل نعتقد أننا سعداء .
وفي عالم يقيم وزن لرأس المال ومن يملكه ، يتحول البشر الى صيادي أرباح ، تنقلب فيه العلاقات الإنسانية من عطف الانسان على أخيه الانسان الى مصلحة متبادله يطرد منها الحب وتشرّد فيها الفضيلة ويسجن فيها الصدق ، وتبقى المصلحة هي الهدف ، فترى أسمى المبادئ العظيمة والنبيلة تُرفع رايتها لتكون سوق يروّج للأفلام لتنتهي هذه الاخلاق بنهاية الفيلم  .
ولكن الشركات يتمسكون ببعضها ، فهم يصدقون ، ليس لأن الصدق فضيلة ، ولكن ،لأن الدراسات أثبت أن الكذب يفقدهم عملائهم لذايتمسكون بالصدق ، ويظهرون إهتمامهم بالبيئة، لأن الجشع يفضحهم ويلوث سمعتهم ، ويجعلهم صيداً سهلاً لجمعيات حماية البيئة ، ولأن الانسان تقف خلفه نقابات وجمعيات كثيرة ، فإن حقوقه تحفظ ، أن لفّ خيوط المال حول بكرتهم الكبيرة هو الأساس والهدف والغاية ، ولنجد عملاً لنا عندهم ، يتوجّب أن نكون لهم بكرات صغيرة ، تدور لتجمع خيوط المال خيطاً خيطاً ، ثم نفرّغ تلك الخيوط من بكرتنا الى بكرة رأس المال الكبيرة ، فإن زرت معرضاً أو مطعماً أو مركزاً فأنك سترى كيف تلف حولك الخيوط لتجمع أموالك ، أما أذا كنت بالمركز ولم ترى هذه الخيوط ، فافحص نظرك هناك .
لكن نظرة تأمل ، تكشف لك كيف تحولنا الرأسمالية الى مصانع مال تخرج منّا أدخنة التزيف ، وتتصاعد أبخرة الاخلاق مسبقت الصنع  والمعلبة ، كابتسامات الخدمة ، وكلمات الملاطفة لكنها بمذاق النفاق ، وللأسف ،  هذا الزيف يعجبنا ونوره ساطع يمنعنا أن نرى غيره " وذموا لنا الدنيا وهم يرضعونها "   فتعجبنا الافلام وهي محض إفتراء ، ونلهوا مع المباريات وهي مضيعة للأوقات ، ونتنقل من متعة الى أخرى حتى تنتهي المتع بانتهاء حياتنا ، ولهذا ظل الكثير منا مستلق على فراش الاحلام ، تشاغله الاحلام بالاوهام ، يعلم أنه حلُم لكنه يريد أن يبقى معه ، فتنقلنا بهارج المال،  من زيف نعيشه الي زيف نبحث عنه ، و نشتري مالا نملك من شدة الاغراء ، وهذه أوربا تتساقط لأنهم يعيشون فوق مستوى معيشتهم من شدة مراقبة الغير ، ولكن لا يصح إلا الصحيح ومن "عاش مدبّر ، مات مستور"  فينكسر ظهر المدين بعد تراكم الديون ، وحين ينقشع الضباب  يختار بين إثنتين ، إنتحار سريع ينهي المديونية  أو عيشة ذليلة ، يعمل فيها المدين كالبغال ليدفع دينا لمن هو لا يحتاجه ، فكيف سيرى الحياة؟ 


عبدالله عبداللطيف الابراهيم
boslaeh@

السبت، 21 أبريل 2012

قرون التعليم



 سحرتني سيارات المدرسات الفارهة عند مدرسة إبني الابتدائية،  هذه ألمانية الصنع حديثة الطراز و غالية الثمن ، وهذه كذلك لكنها معدّلة ومحدودة الكمية ، وتلك السيارة أعشقها، إنها تحت المظلة ، وبلوني المفضل  واو،،،،  كم هي جميلة ، وبينما أحاول وأحاول  أرفع عيني عنها ، وضعت يدي على "البوق" ليأتي أحدهم ويأخذ سيارتي الى الموقف ، توقفت إحدى المدرسات بكامل هيئتها و وأشارت الي لاخفض النافذة ، لم تضغط البوق؟ ( تسأل) ، قلت : أريد خدمة إيقاف السيارات ، فقالت وهي تقهقه ، للاسف لا يوجد ! حاولت أن أُخفي خجلي  حيث أن مخيلتي قد إنتقلت لحفلة في فندق مشهور وتصورت نفسي أركن سيارتي هناك ، لكنها أيقضتني و عدت الى الواقع ودخلت القصر ، آسف دخلت المدرسة ،أعجبتني ممراتها الملونة والمكيفة وجدرانها المزينة وديكورات غرف المدرسات ، يا الله كم هي نظيفة ، وكم المبنى جميل مكيف وبارد، ضرب الجرس ، وخرج ابناء الحي ، وقد ظهرت عليهم علامات الثراء ، فحذاء ذلك الفتى  بالعشرات وحقيبته من الماركات وبيد والدته  الهاتف الثمين ، تتدلى منه قطعة تتلامع ، وحقيبتها بالمئات ، و بين البنين وجدت إبني مبتسماً بحذائه المرقوع ، أمسكت يده وعدت .
بعدها ظللت افكر ، كم يتكبد  وطني العظيم من نفقات التعليم وكم يكرم المعلمين ( وهم يستحقّون )  فالنفقات التعليمية كثيرة ،  كعقار المدارس وتكلفة المباني والاراضي وهذه العقارات ملك للدولة الا أنها بالمليارات لأقرب التكهنات فالمدارس كثيرة بمراحلها للجنسين  والمعاهد والجامعات ، وهذه  عبارة عن نفقات تعليمية مباشرة  ، أما رواتب المدرسين ومستلزمات التدريس وما يتصل بالنفقات التعليمية فهي نفقات تتجدد سنويا وقد تجاوزت المليار والنصف دينار حديثاً ، أما النفقات الغير مباشرة فهي لا تحسب ولا ينظر لها بالرغم إنها تكلف الوطن غاليا ، فكثير من رواتب خدم المنازل والسائقين تتصل بطريقة غير مباشرة بالنقل من وإلى المدرسة ، وهذه المبالغ الضخمة لا يستهان بها  ترفع التكلفة التعليمية جداً بالاضافة الى الكثير من النفقات الغير مباشرة الاخرى التي تغفلها إقتصاديات التعليم ، وقبل  أكثر من خمسين سنة إستخدم   تيودور شولتز  Theodore Schultz نظرية العائد من التعليم في كثير من البلدان بهدف ربطها بتكلفة التعليم في المراحل المختلفة و للوصول الى مقارنات سليمه حول العائد في التعليم مع باقي استثماراتنا ، وفي ظل ما ذكرت من تكاليف مباشرة وغير مباشرة وأراضي لا تقدر بثمن فأتمنى أن يكون العائد التعليمي عالي ، لاأن  تكون أستثماراتنا التعليمية أسوة بإستثماراتنا الخارجية حسب نظرية تيودور .
إن  قيام الحضارة الانسانية يعود الى رأس المال البشري وليس رأس المال ، فالانسان المتعلم الذكي النبيه كفيل بقيادة التنمية ، وخلق القيمة الاقتصادية المضافة ، وبالمقارنة مع  الكثير من الدول ذات الاقتصاديات الضعيفة التي  إستطاعت أن تصنع إقتصاد قوي دون نفط أو غاز ،مثل اليابان وكوريا الجنوبية أو مثل سنغافورة التي استقلت سنة ١٩٦٥ وهي لا تملك الكثير من الموارد الطبيعية سوى رأس المال البشري  الذي جعلها حسب مجلة الايكونوميست الاولى اسيويا بمقياس " جودة الحياة " والمركز الحادي عشر عالميا, بينما كل الثراء الذي نتنعم فيه لم يرفعنا عن المرتبة ال ٥٥ ، وذلك بفضل نظامهم التعليمي شديد الصرامه والذي يخلق عقول ، بينما نبحث هنا عن القبول ، ثم ليلتحق أولادنا في الجامعات والمعاهد ، ويتخرج ليترجم كل العلم الذي تعلمه الى قدرات عالية في التعامل مع الطعام والشراب والسفر أما الحديث عن الانتاجية  وخدمة الوطن فالكثير على إستعداد على أن يقدم لو توفرت له الفرصة بدلا أن تنحصر قدراته الانتاجية في التكاثر البشري .
وفي ظل المشادة بين تطبيق النظام التعليم الامريكي أوالبريطاني يظهر النظام العربي "اللي يحب النبي يدفش الطالب" والذي قال عنه  توني بلير بتقريره" أن الكويت في خطر إذا لم يتم إصلاح النظام التعليمي" ، وباجتيازنا قرن على التعليم  في الكويت فإني أقترح جائزتين على شكل قرنين ، الاولى تتمثل في قرنين ماعز كشعار دولة ألبانيا للمتفوقين من ابنائنا و قرني ثور كشعار يوفنتوس الاسباني للتربويين المتميزين الذين أثبتوا جدارتهم فنعضد لهم وننمي أفكارهم ثم لنتوقف بحثاً عن المتسبب في تردّي المستوى التعليمي لنجعل القرنين فوق رأسه فيأتينا غدا متسبب آخر  ، لا يصلح الناسُ فوضى لا سَراةَ لهم ** ولاسَراةَ إذا جُهَّالُهم سادوا ، تُهدى الأمور بأهلِ الرأي ما صلَحَتْ ** فإنْ تولَّت فبالأَشرارِ تَنْقادُ.

الجمعة، 13 أبريل 2012

مؤشر البورصة و البرميل



                                    مؤشر البورصة و البرميل
 حين ينخفض سعر البرميل يرتفع مؤشر قطاع الصناعة في البورصات العالمية سعادةً بانخفاض تكلفة الانتاج  تمهيداً لتحقيقهم أرباح ، أما محلياً فإننا لا نكترث بالانتاج كثيراً لأن بيع النفط هو تحقيق مباشر للارباح  ، وبعد هذا الارتفاع النفطي  يتلمَّس المواطن الانتعاش الإقتصادي على كافة الاصعدة ، ويحار حول إنخفاض سعر البورصة ويعتقد  أن قطاع البنوك يجب أن يحقق أرباحاً لارتفاع الودائع وكما يعتقد أن قطاع الصناعة يفترض أن يستفيد من ذلك الانتعاش  ، و بينما يأمل الكثير من المتداولين أن يربط حبلاً غليظا بين سعر البرميل ومؤشر البورصة ليأخذها معه الى الاعلى ، تتقطع حباله في نهاية جلسات البورصة ، لكنه قبل أن ينام يعيد ربط هذه الحبال ليعيشها في أحلامه على الاقل ، ولا شك أنه يستقظ على أخبار بورصوية مغايرة ، ولأن الموضوع ليس بالبساطة السابقة ، سألقي ضوء على نقاط يتوجب التنبه اليها فالموضوع كبير .
أن  البترول وأن كان يرفع إجمالي الناتج القومي بسبب واردات التصدير ، الا إن الفائض يتحول الى  الهيئة العامة للاستثمار لاعادة  ارسال بعضه الى الخارج والاحتفاظ ببعضه الاخر ، وبالتالي فإنه لا يتحول الى إستثمار مباشرة داخل البلاد ، كما أن العوائد النفطية قد ساهمت بزيادة الرواتب ، والتي قد أسهمت في ربحية كثير من التجّار وعلى سبيل المثال تجار المواد الغذائية حيث بلغت زيادات الاسعار لسنة ٢٠١١ (٩.٦٪ ) وإذا ما افترضنا أن كل تلك الزيادة هي ربح خالص لهم ، فلن يعني ذلك أن تلك الزيادات ستؤثر في مؤشر البورصة ، حيث أن المستفيدين هم الجمعيات التعاونية و تجار المواد الغذائية وليسوا بالضرورة أن تكون شركاتهم مسجلة في بورصة الكويت ، أما الانفاق الحكومي على الطرق والخدمات فبكل تأكيد ستحرك أرباح بورصة الكويت لو كانت هذه الشركات مقيدة  وليست ذات صبغة عائلية ، أما خلاف ذالك فإنها لن ترفع المؤشر وأن تعاقدت مع الدولة بمليارات الدنانير .
وبالنظر الى قطاع الاستثمار المسجّى من سنوات والذي ينتظر قرار الاطباء فصل الاجهزة الطبية عنه لينتقل الى مثواه الاخير ، فأن البورصة كما نعلم  يرفعها التفاؤل و يخفضها التشاؤم وحيث أنها تعيش حالة نفسية كمن لا يستطيع أن يحتفل لانه قد يأتيه خبر وفاة عزيز في حالة حرجة بالمستشفي - فإن الاحتفال مؤجل .
وفي الدول ذات الاقتصاد الحر ، تستخدم الكثير من المؤشرات لتعكس صحة ومتانة الاقتصاد ، فعلى سبيل المثال تعكس نسبة البطالة الاشخاص العاطلين عن العمل ، وتأثير هذه النسبة مهم من جوانب متعددة وأهمها نفقات العاطلين التي تتحملها الدولة ، وكذلك ما يساهم به العاطلون لو توظفوا، بمعنى أنه لو قلة نسبة العاطلين ، فانهم سيشاركون في حركة الاقتصاد ، أما في بلادنا فالبطالة المقنعة ( يعمل الموظف دون انتاجية ) هي الاصل بحسب تقديرات البنك الدولي المخيفة وعليه  فإن الحديث عن نسب البطالة أو العديد من المؤشرات الاقتصادية لن يكون مجدي في ظل وجود البطالة المقنعة ونقص الشفافية .
وتظل كثير من الشركات - المتعاقدة مع الدولة - مستفيدة من العوائد النفطية ، الا إن الربحية مرتبطة بالشفافية ، فغياب الشفافية  سوف تكون حالة من المزاجية في الاعلان عن الربحية ، أو توزيع الارباح على المساهمين ، كما هو الحال في مزاجية الشركات في الاعلان عن الافلاس .





 عبدالله عبداللطيف الابراهيم

الثلاثاء، 10 أبريل 2012

في أوربا الشمالية...

في أوربا الشمالية...
في المطار  لن يوقفك موظف الجمارك  للتفتيش ولن ينظر اليك شزراً عند المرور بجانبه ، وقد تجد طفلاً لم يتجاوز عمره السنتين ، يركض بجانبك ، وقد أعاقة حركتهُ حفاظته ، فتراقبه لتعرف أين هو ذاهب ؟، فتجدة يتوقف عند سلة الزبالة ، ثم يعود مسرعاً الى ذويه ، تريد أن تستفسر عن سيارات الأجرة فتتجاوز الطابور ، وتسأل الموظف عن إرشادٍ معين   ، فيطلب منك مبتسماً أن تقف في الطابور ، من الطبيعي أن تتضايق فأنت ليس لديك سوى السؤال ، لكنك تعود الى ذات الطابور مجبراً لتنتظر دورك ، و عندما يتجاوزك شقيقك العربي ، الذي أقلته ذات الطائرة ، ليسأل ذات السؤال ، فيخبره الموظف ذات الخبر ، تذهب ضيقتك فجأة ، لان شكوكك في العدالة قد تبخّرت معها .
 وإذا طالت إقامتك فستلحظ عدم وجود شباب صغير السن يقود باستهتار و برعونه والاغرب أنك ستجد شعب غير متسامح مع الاخطاء ، فلو أن أحداً بصق على الارض ، في مكان عام من الممكن  أن يبصقوا عليه ، ولو توقف على ممر المخصص للمشاة بسيارته ، من الطبيعي أن يضرب المار على سيارته بيده ليذكره ، إو يشير له ليهينه أو ليقتص منه ، أخبرني عربي يقيم هناك وهو يتحدث لغتهم بطلاقه ، إستوقفتني سيارة الشرطة لمخالفة بسيطة ، فاعتذرت محاولا تفادي تسجيل نقاط جزاء علي ، فنظر الي الشرطي كانني اكلمه بلغة إخرى ، فقلت له آسف ( بلغتهم ) وطلبت منه صراحة أن يسامحني ، فتجاهلني ، فأحسست بالخطر وأنه سيفعلها ، فرجوته مذلاً نفسي كي يرحمني ، فسجل العقوبة وهو يبتسم ويعلق المقيم قائلاً " لقد شطب كلمات الاعتذار من قاموسه فهو لا يفهمها". وفي غياب رجل القانون ، يتحول المجتمع الى رجال للقانون ، وتجدهم يغارون على القانون كما أن القانون هو ولدهم ، فلو خرق أحدهم القانون لغضبوا كما أن أحدهم قد ضرب ولدهم ، ولن تجد هناك من يعذر المخطأ ، فلا أحد يقول للشاب المخطأ  "صغير ، يكبر ويعقل "
وشخصياً ، تجاوزت إشارة حمراء في هامبرج ، وإذا بسيارة الشرطة من الاتجاه الآخر ( ذو الضوء الاخضر ) ، فاستوقفني بجانب الطريق ، فأوقف نافذة سيارته بجانب نافذة الكراسي الخلفية لسيارتي لفترة وجيزة إستغربت منها ، وبعدها تقدم جانبي ببطء وحدثني قائلاً ، لم تجازتها ، قلت: لم أرها ( لقد كانت معلقة كالثريا بحبل وسط عمارتين بسبب ضيق الطريق ) فقال لي:  إفتح عينييك وانصرف ، ضللت أفكر بعدها بسؤالين ، الاول: لم سامحني ؟ فالاشارة الحمراء أمر لا يغتفر! ، ولم توقف ينظر الى المقاعد الخلفية ؟ ، وبعدها علمت أنه كان يتأكد من أن أولادي قد ربطوا الاحزمه جميعهم ولما تأكد أنهم كانوا جميعا رابطين الحزام  ( بما فيهم الاوسط) تأكد لديه أنني لم أكن متعمداً .
لا شك أن كل ذلك يدل على الوعي العالي للمجتمع ومن يطبق القانون ، كما أن  ثقافة القانون راسخة و متأصلة ، وبينما نغوص نحن في ثقافة الواسطة و التمتع بخرق القانون ، نظل مشغولين بالتوافه ولا نتوجه للتنمية ، ولا يلام المواطن على تصحيح هذا الخطأ مثل  وجود الواسطة  وإن كان مخطأ بتصرفه الا أنه ليس المسؤول عنها  ، فتغيير الثقافة أمر يحتاج الى أجهزة وطاقات ومراقبة وترتيب أولويات فلا يمكن أن يكون ذلك مسؤولية  المواطن ولكن بعد أن تبدأ الجهود بتغيير الثقافة تكون مسؤولية المواطن بالتأييد والتطبيق ، فتغيير الثقافة هي رحلة الالف ميل لها تبدأ بالوعي بعدم برمي النفايات وتنهي بثقافة العمل والتنمية .



عبدالله عبداللطيف الابراهيم

الثلاثاء، 3 أبريل 2012

نبوءة ٢٠٢٠

                              نبوءة   ٢٠٢٠



أزعجني وضايقني إكتشاف علمي ، كان ودي لو تأخر ، فقد أُعلن على هامش مؤتمر سان فرانسسيسكو للطاقة البديلة أن شركة PowerShares Cleantech  أنها سوف تبيع الماء المهدرج بالايونات المشعة قريباٍ ، وذلك بعد تحصلها على كافة المصادقات والموفقات خلال شهرين وأنها مستعدة لتزويد كافة احتياجات العالم من الطاقة بحد أقصى ٣٦ شهر ، وقد تزامن الاعلان مع إرتفاع سعر سهم الشركة ( PZD ) ٢٠٠ دولار في بورصة نيويورك .
قبل قليل أعلنت منظمة الوكالة الدولية للطاقة المتجددة (أيرينا) أنها تدرس رفع مذكرة لفرض رسوم على كافة الوقود ذو الاضرار البيئية ، حيث أن البديل قد توفر ولن تتهاون! ، ولم يكن مستغربا إنخفاض سعر سعر البرميل لجميع الخامات بمقدار ٣٠٪ ، كما توقع المراقبين أن أسعار النفط ستتراجع بطريقة منطقية ، لتصل الى السعر العادل وهو سعر الطاقة النظيفة (٢$ / برميل) لكن في غضون ثلاث سنوات من اليوم  ، أما محليا لم تكتب الصحف الصادرة هذا اليوم بالرغم من تأكيد الخبر فالصدمة كبيرة ، حيث أن الدولارين للبرميل سيكون غير كافي لدفع رواتب العاملين بالقطاع النفطي ومكافأتهم السخية ! ، كما إن الاستثمارات الخارجية لا تكفي دفع نفقات وزارتي الصحة و التربية ، ولا ننسى أن معضم إستثماراتنا هي في القطاعات النفطية المتأثرة !
ولأن مثل هذا الخبر قد أصابني بالصدمة ، إتصلت بالكثير من الاصدقاء من القطاع النفطي والاقتصادي ، وكذلك سياسيين لاعرف ردود أفعالهم واتركها حسب صياغتهم  : 
" لقد علمت بالخبر ، لا أستطيع ترتيب أفكاري الان ، أعذرني "
" من ناحية إقتصادية ، أنا أجزم أن سعر الدينار سينخفض الى النصف خلال اسبوعين لان المخزون النفطي الاستراتيجي سيعاد تقييمه "
"عاود الاتصال بي ليقول : هل تعلم إن إحتياطينا النفطي الذي يمثل ١٠٪ من الاحتياطي العالمي  لن يدفع بند الرواتب لسنتين "
أحزنني الخبر ، لكني تغلبت على حزني واتصلت على زميل إقتصادي آخر " الكويت لا تنتج القمح او الارز او حتى الشعير لاغنامها وليس بها ماء عذب غير ناضب ، لم نطور مرافقنا سياحيه ولا نصنع اقلام الرصاص  " أما الاخير فقد قال: " بعد أن نجونا من الغزو وتخطينا الربيع العربي ، يبدو أننا لن ننجو من هذه ، ثم سالني قائلا: لم يعد الشعب يحسن الكثير من أمور الحياة من سينظف ، من يطبخ ، من يبني ولمن نبني ومن سيبقى ليسكن ؟"
بكل تأكيد الخطر كبير ، وكل ما ذكرت من معلومات هي نبوءات ستتحقق ، الا إنني أرجو من الله إن لا يأتي عنوان المقالة اللا وقد استعددنا لهذا الحدث .

عبدالله عبداللطيف الابراهيم