الثلاثاء، 10 أبريل 2012

في أوربا الشمالية...

في أوربا الشمالية...
في المطار  لن يوقفك موظف الجمارك  للتفتيش ولن ينظر اليك شزراً عند المرور بجانبه ، وقد تجد طفلاً لم يتجاوز عمره السنتين ، يركض بجانبك ، وقد أعاقة حركتهُ حفاظته ، فتراقبه لتعرف أين هو ذاهب ؟، فتجدة يتوقف عند سلة الزبالة ، ثم يعود مسرعاً الى ذويه ، تريد أن تستفسر عن سيارات الأجرة فتتجاوز الطابور ، وتسأل الموظف عن إرشادٍ معين   ، فيطلب منك مبتسماً أن تقف في الطابور ، من الطبيعي أن تتضايق فأنت ليس لديك سوى السؤال ، لكنك تعود الى ذات الطابور مجبراً لتنتظر دورك ، و عندما يتجاوزك شقيقك العربي ، الذي أقلته ذات الطائرة ، ليسأل ذات السؤال ، فيخبره الموظف ذات الخبر ، تذهب ضيقتك فجأة ، لان شكوكك في العدالة قد تبخّرت معها .
 وإذا طالت إقامتك فستلحظ عدم وجود شباب صغير السن يقود باستهتار و برعونه والاغرب أنك ستجد شعب غير متسامح مع الاخطاء ، فلو أن أحداً بصق على الارض ، في مكان عام من الممكن  أن يبصقوا عليه ، ولو توقف على ممر المخصص للمشاة بسيارته ، من الطبيعي أن يضرب المار على سيارته بيده ليذكره ، إو يشير له ليهينه أو ليقتص منه ، أخبرني عربي يقيم هناك وهو يتحدث لغتهم بطلاقه ، إستوقفتني سيارة الشرطة لمخالفة بسيطة ، فاعتذرت محاولا تفادي تسجيل نقاط جزاء علي ، فنظر الي الشرطي كانني اكلمه بلغة إخرى ، فقلت له آسف ( بلغتهم ) وطلبت منه صراحة أن يسامحني ، فتجاهلني ، فأحسست بالخطر وأنه سيفعلها ، فرجوته مذلاً نفسي كي يرحمني ، فسجل العقوبة وهو يبتسم ويعلق المقيم قائلاً " لقد شطب كلمات الاعتذار من قاموسه فهو لا يفهمها". وفي غياب رجل القانون ، يتحول المجتمع الى رجال للقانون ، وتجدهم يغارون على القانون كما أن القانون هو ولدهم ، فلو خرق أحدهم القانون لغضبوا كما أن أحدهم قد ضرب ولدهم ، ولن تجد هناك من يعذر المخطأ ، فلا أحد يقول للشاب المخطأ  "صغير ، يكبر ويعقل "
وشخصياً ، تجاوزت إشارة حمراء في هامبرج ، وإذا بسيارة الشرطة من الاتجاه الآخر ( ذو الضوء الاخضر ) ، فاستوقفني بجانب الطريق ، فأوقف نافذة سيارته بجانب نافذة الكراسي الخلفية لسيارتي لفترة وجيزة إستغربت منها ، وبعدها تقدم جانبي ببطء وحدثني قائلاً ، لم تجازتها ، قلت: لم أرها ( لقد كانت معلقة كالثريا بحبل وسط عمارتين بسبب ضيق الطريق ) فقال لي:  إفتح عينييك وانصرف ، ضللت أفكر بعدها بسؤالين ، الاول: لم سامحني ؟ فالاشارة الحمراء أمر لا يغتفر! ، ولم توقف ينظر الى المقاعد الخلفية ؟ ، وبعدها علمت أنه كان يتأكد من أن أولادي قد ربطوا الاحزمه جميعهم ولما تأكد أنهم كانوا جميعا رابطين الحزام  ( بما فيهم الاوسط) تأكد لديه أنني لم أكن متعمداً .
لا شك أن كل ذلك يدل على الوعي العالي للمجتمع ومن يطبق القانون ، كما أن  ثقافة القانون راسخة و متأصلة ، وبينما نغوص نحن في ثقافة الواسطة و التمتع بخرق القانون ، نظل مشغولين بالتوافه ولا نتوجه للتنمية ، ولا يلام المواطن على تصحيح هذا الخطأ مثل  وجود الواسطة  وإن كان مخطأ بتصرفه الا أنه ليس المسؤول عنها  ، فتغيير الثقافة أمر يحتاج الى أجهزة وطاقات ومراقبة وترتيب أولويات فلا يمكن أن يكون ذلك مسؤولية  المواطن ولكن بعد أن تبدأ الجهود بتغيير الثقافة تكون مسؤولية المواطن بالتأييد والتطبيق ، فتغيير الثقافة هي رحلة الالف ميل لها تبدأ بالوعي بعدم برمي النفايات وتنهي بثقافة العمل والتنمية .



عبدالله عبداللطيف الابراهيم

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق