السبت، 21 أبريل 2012

قرون التعليم



 سحرتني سيارات المدرسات الفارهة عند مدرسة إبني الابتدائية،  هذه ألمانية الصنع حديثة الطراز و غالية الثمن ، وهذه كذلك لكنها معدّلة ومحدودة الكمية ، وتلك السيارة أعشقها، إنها تحت المظلة ، وبلوني المفضل  واو،،،،  كم هي جميلة ، وبينما أحاول وأحاول  أرفع عيني عنها ، وضعت يدي على "البوق" ليأتي أحدهم ويأخذ سيارتي الى الموقف ، توقفت إحدى المدرسات بكامل هيئتها و وأشارت الي لاخفض النافذة ، لم تضغط البوق؟ ( تسأل) ، قلت : أريد خدمة إيقاف السيارات ، فقالت وهي تقهقه ، للاسف لا يوجد ! حاولت أن أُخفي خجلي  حيث أن مخيلتي قد إنتقلت لحفلة في فندق مشهور وتصورت نفسي أركن سيارتي هناك ، لكنها أيقضتني و عدت الى الواقع ودخلت القصر ، آسف دخلت المدرسة ،أعجبتني ممراتها الملونة والمكيفة وجدرانها المزينة وديكورات غرف المدرسات ، يا الله كم هي نظيفة ، وكم المبنى جميل مكيف وبارد، ضرب الجرس ، وخرج ابناء الحي ، وقد ظهرت عليهم علامات الثراء ، فحذاء ذلك الفتى  بالعشرات وحقيبته من الماركات وبيد والدته  الهاتف الثمين ، تتدلى منه قطعة تتلامع ، وحقيبتها بالمئات ، و بين البنين وجدت إبني مبتسماً بحذائه المرقوع ، أمسكت يده وعدت .
بعدها ظللت افكر ، كم يتكبد  وطني العظيم من نفقات التعليم وكم يكرم المعلمين ( وهم يستحقّون )  فالنفقات التعليمية كثيرة ،  كعقار المدارس وتكلفة المباني والاراضي وهذه العقارات ملك للدولة الا أنها بالمليارات لأقرب التكهنات فالمدارس كثيرة بمراحلها للجنسين  والمعاهد والجامعات ، وهذه  عبارة عن نفقات تعليمية مباشرة  ، أما رواتب المدرسين ومستلزمات التدريس وما يتصل بالنفقات التعليمية فهي نفقات تتجدد سنويا وقد تجاوزت المليار والنصف دينار حديثاً ، أما النفقات الغير مباشرة فهي لا تحسب ولا ينظر لها بالرغم إنها تكلف الوطن غاليا ، فكثير من رواتب خدم المنازل والسائقين تتصل بطريقة غير مباشرة بالنقل من وإلى المدرسة ، وهذه المبالغ الضخمة لا يستهان بها  ترفع التكلفة التعليمية جداً بالاضافة الى الكثير من النفقات الغير مباشرة الاخرى التي تغفلها إقتصاديات التعليم ، وقبل  أكثر من خمسين سنة إستخدم   تيودور شولتز  Theodore Schultz نظرية العائد من التعليم في كثير من البلدان بهدف ربطها بتكلفة التعليم في المراحل المختلفة و للوصول الى مقارنات سليمه حول العائد في التعليم مع باقي استثماراتنا ، وفي ظل ما ذكرت من تكاليف مباشرة وغير مباشرة وأراضي لا تقدر بثمن فأتمنى أن يكون العائد التعليمي عالي ، لاأن  تكون أستثماراتنا التعليمية أسوة بإستثماراتنا الخارجية حسب نظرية تيودور .
إن  قيام الحضارة الانسانية يعود الى رأس المال البشري وليس رأس المال ، فالانسان المتعلم الذكي النبيه كفيل بقيادة التنمية ، وخلق القيمة الاقتصادية المضافة ، وبالمقارنة مع  الكثير من الدول ذات الاقتصاديات الضعيفة التي  إستطاعت أن تصنع إقتصاد قوي دون نفط أو غاز ،مثل اليابان وكوريا الجنوبية أو مثل سنغافورة التي استقلت سنة ١٩٦٥ وهي لا تملك الكثير من الموارد الطبيعية سوى رأس المال البشري  الذي جعلها حسب مجلة الايكونوميست الاولى اسيويا بمقياس " جودة الحياة " والمركز الحادي عشر عالميا, بينما كل الثراء الذي نتنعم فيه لم يرفعنا عن المرتبة ال ٥٥ ، وذلك بفضل نظامهم التعليمي شديد الصرامه والذي يخلق عقول ، بينما نبحث هنا عن القبول ، ثم ليلتحق أولادنا في الجامعات والمعاهد ، ويتخرج ليترجم كل العلم الذي تعلمه الى قدرات عالية في التعامل مع الطعام والشراب والسفر أما الحديث عن الانتاجية  وخدمة الوطن فالكثير على إستعداد على أن يقدم لو توفرت له الفرصة بدلا أن تنحصر قدراته الانتاجية في التكاثر البشري .
وفي ظل المشادة بين تطبيق النظام التعليم الامريكي أوالبريطاني يظهر النظام العربي "اللي يحب النبي يدفش الطالب" والذي قال عنه  توني بلير بتقريره" أن الكويت في خطر إذا لم يتم إصلاح النظام التعليمي" ، وباجتيازنا قرن على التعليم  في الكويت فإني أقترح جائزتين على شكل قرنين ، الاولى تتمثل في قرنين ماعز كشعار دولة ألبانيا للمتفوقين من ابنائنا و قرني ثور كشعار يوفنتوس الاسباني للتربويين المتميزين الذين أثبتوا جدارتهم فنعضد لهم وننمي أفكارهم ثم لنتوقف بحثاً عن المتسبب في تردّي المستوى التعليمي لنجعل القرنين فوق رأسه فيأتينا غدا متسبب آخر  ، لا يصلح الناسُ فوضى لا سَراةَ لهم ** ولاسَراةَ إذا جُهَّالُهم سادوا ، تُهدى الأمور بأهلِ الرأي ما صلَحَتْ ** فإنْ تولَّت فبالأَشرارِ تَنْقادُ.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق